أردت في هذه الكلمات أن أؤكد حول بعض المخالفات التي تتكرر في الصلاة ، فلما كانت هي من أهم وأعظم العبادات ، ذكرتُ بعضَ ما يَحدثُ من المخالفاتِ المتكررةِ ، ومع أن الكثير لا يجهلها ، فقد تفشّت وسادت عند كثيرٍ من الناس . والناس حول هذه الأخطاء يتفاوتون فمنهم المقلّد ومنهم المخطئ ومنهم المستقصد ومنهم من يظن أنها سننٌ .. والمهمُ في هذا كلِّه أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته منها شيء ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ، وعل هذا فالمسلم لا بدّ أن يحتاط لنفسه لئلا يقع في ما هو أعظم ...
أولاً / الدعاء قبل تكبيرة الإحرام : فمن الناس من يقول : اللهم ارحم وقوفنا بين يديك ، ومنهم من يقول : اللهم أحسن وقوفنا بين يديك ، ومنهم من يرفع يديه ويدعو قبيل التكبيرة بأدعية أخرى ، ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا قبل تكبيرة الإحرام مطلقاً .
ثانياً / قول ( والشكر ) بعد ربنا ولك الحمد : فمن الناس من يقول : ربنا لك الحمد والشكر ، فكلمة (الشكر) هذه لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والعبد لا بدّ له أن يقول إما : ربنا لك الحمد (مسلم) ، أو ربنا ولك الحمد (احمد والشيخان ، انظر فقه السنة ) ، أو اللهم ربنا لك الحمد (مسلم ، انظر فقه السنة) ، أو اللهم ربنا ولك الحمد (البخاري) ، فهذه لا بدَّ من أحدها وهي الأصل والمجزئة ، وإن أضاف قائلاً : حمداً كثيراً طيباً مباركٌ فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد ، وزاد : أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، فهذا مستحب ثابتٌ من سننه صلى الله عليه وسلم ، أما قول : والشكر !! فلم ترد عنه صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً / قول ( ولوالدي ) بعد ربي اغفر لي : فهناك من يقول بين السجدتين ربي اغفر لي ولوالدي فكلمة (والدي) لم ترد عنه صلى الله عليه وسلم ، وبما أنها لم ترد فالأصل ألا يقولها في هذا الموضع ، 0 ومن تلك الأدعية المشروعة بين السجدتين : (ربي اغفر لي ربي اغفر لي)مسلم ، أو (ربي اغفر لي) مرة واحدة وتسنّ إلى ثلاث0(الملخص الفقهي) ، أو (اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ، واجبرني ، وعافني ، وارزقني ، وارفعني ) أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي وانظر صحيح الترمذي وصحيح ابن ماجه .
رابعاً / عدم الطمأنينة في بعض الأركان : وخاصةً في الاعتدال من الركوع ، وأيضاً في الجلوس بين السجدتين ، ونعلم أن من أخل بأحد الأركان بطلت صلاته ، فالطمأنينة في جميع الأركان ركنٌ من أركان الصلاة ، فبعض الناس ينقر هذين الركنين ولم يدرك الأثرالمترتب من إخلاله بهذا الركن . ، قال تعالى { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2} المؤمنون1-2 .
خامساً / وضع القدم اليمنى فوق اليسرى أو العكس أثناء السجود : ومن كان هذا فعله فقد أنقص أحد الأعضاء السبعة الذي لايتم السجود إلا بها ، مثله مثل من يرفع أحد قدميه عن الأرض أو كلتيهما ، يقول النووي أن من أخل بأحد هذه الأعضاء بطلت صلاته ، وقال الشيخ ابن عثيمين : لا يجوز للساجد أن يرفع شيئا من أعضائه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : )أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى َأنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ) . رواه البخاري ومسلم ، فإن رفع رجليه أو إحداهما ، أو يديه أو إحداهما ،أو جبهته أو أنفه أو كليهما ، فإن سجوده يبطل ولا يعتد به ، وإذا بطل سجوده فإن صلاته تبطل .
سادساً : مسابقة المأموم للإمام : فتجده يركع أو يسجد أو يرفع قبل الإمام ذاكراً عامداً ، وهذه الحالة حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم فقال(أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ , أَوْ يَجْعَلَ الله صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ ؟ ) لفظ البخاري 0 وهذا دليلٌ على التحريم ،
سابعاً / من يدخل أثناء الركوع ثم يركع من غير أن يكبر واقفا تكبيرة الإحرام : فبعض الناس إذا كان مسبوقاً بادر بالركوع إن كانوا راكعين ، أو السجود إن كانوا ساجدين ليدرك الركعة أو السجدة مع الإمام وهو لم يكبر أثناء قيامه بل انخرط في الركوع أو السجود مباشرة .. فهذا لا تنعقد صلاته. فالأصل أنه يستتم واقفاً ويحرم بالصلاة ثم يركع فإن كبَّر ثانية للركوع فهو أحسن وهي سنة وإن لم يكبَّر فتكفيه تكبيرة الإحرام . أما إن ترك تكبيرة الإحرام فقد ترك ركناً من أركان الصلاة وبالتالي لا تنعقد الصلاة 0 وهذا هو ملخص أقوال أهل العلم في هذه المسألة والله أعلم .
ثامناً / انتظار المسبوق حتى يرفع الإمام من السجود أو التشهد وهذا خطأ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعتدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة) رواه أبو داود ، وابن خزيمة ، والدارقطني ، والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكم إلى الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام) رواه الترمذي 0
تاسعاً / الاستمرار في تحية المسجد رغم أن الصلاة أقيمت في أولها : وبالتالي يفقد تكبيرة الإحرام قال ابن باز : إذا أقيمت الصلاة وبعض الجماعة يصلي تحية المسجد أو الراتبة ، فإن المشروع له قطعها والاستعداد لصلاة الفريضة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يتمها خفيفة لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (وحملوا الحديث المذكور على من بدأ في الصلاة بعد الإقامة . والصواب القول الأول ، لأن الحديث المذكور يعم الحالين ولأنه وردت أحاديث أخرى تدل على العموم وعلى أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام لما رأى رجلا يصلي والمؤذن يقيم الصلاة ،
عاشراً / عدم النهوض وقت الإقامة : فالبعض يتريث هداهم الله قليلاً حتى يُقام الصف ثم تفوت تكبيرة الإحرام بذلك وهذا خطأ ، فالواجب عليه أن يقوم قبل انتهاء الإقامة على القول الصحيح لئلا تفوته تكبيرة الإحرام ، واختلف أهل العلم في وقت القيام فمنهم من قال أن القيام يكون مع رؤية الإمام ، ومنهم من قال أنه يكون مع قول المقيم : قد قامت الصلاة ، والسنة لم تحدد وقت القيام ، ولكن المهم ألا يتأخر الحاضرين عن تكبيرة الإحرام ،